السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكلب في إشارات قرآنية وأحكام فقهية
الكلب هو أول حيوان استأنسه الإنسان، وارتبط كل منهما بالآخر، وتولدت بينهما
صداقة أخذت تنمو خلال العصور، لما يتمتع به الكلب من صفات الوفاء والإخلاص
للإنسان وقدرته الكبيرة في الصبر وتحمل المشاق والشجاعة... ولا تزال
الآثار الباقية تدل على وجود الكلب مع الإنسان منذ آلاف السنين، حين كان
الإنسان يعيش في الكهوف... وتحكي الكتب القديمة، والحديثة، الكثير من
النوادر والطرائف المثيرة عن الكلاب
ضرب المَـثل بالكلب، كما ورد في كتب التفسير
تحدث
عدد من المفسرين القدامى والمحدثين عن لهث الكلب، وذلك في معرض تفسير
الآية (176) من سورة الأعراف، وقد اقترب البعض مما توصل إليه علم وظائف
الأعضاء (الفسيولوجيا) حديثا. فهذا أبو السعود (ت951هـ) يقول (في تفسيره
"إرشاد العقل السليم" ): واللهث إدلاع اللسان بالتنفس الشديد، أي هو ضيق
الحال، مكروب دائم اللهث، سواء هيجته وأزعجته بالطرد العنيف، أو تركته على
حاله، فإنه في الكلاب طبع، لا تقدر على نفض الهواء الساخن وجلب الهواء
البارد بسهولة، لضعف قلبها وانقطاع فؤادها، بخلاف سائر الحيوانات، فإنها
لا تحتاج إلى التنفس الشديد ولا يلحقها الكربُ والمضايقة إلا عند التعب
والإعياء... وهذا محمد الطاهر بن عاشور (ت1393هـ) يقول (في تفسيره
"التحرير والتنوير"): واللهث: سرعة التنفس مع امتداد اللسان لضيق النفس،
وفعله بفتح الهاء وبكسرها، ومضارعه بفتحها لا غير، والمصدر اللهث بفتح
اللام والهاء ويقال اللهاث بضم اللام، لأنه من الأدواء، وليس بصوت. ويذهب
الشعراوي (ت1418هـ) (في تفسيره "خواطر" ) إلى تفرّد الكلب من بين
الحيوانات باللهث في كل أحواله، فالحيوانات تلهث إذا كانت جائعة أو متعبة
أو مهاجمة، ولكن الكلب يلهث جائعاً أو شبعانا، عطشانا أو غير عطشان،
مزجوراً أو غير مزجوراً، إنه يلهث دائماً. ثم هو أيضاً يصل إلى مغزى ضرب
المثل القرآني لتشبيه الذي أخلد إلى الأرض بعد إذ أتاه الله آياته (علمه)،
وذلك لأن الذي يظهر بهذه الصورة تجده مكروبا دائماً، لأنه متبع لهواه،
وتتحكم فيه الشهوات. وحين تتحقق له شهوة الآن، يتساءل هل سيفعل مثلها غدا
؟ وتتملك الشهوة كل وقته، لذلك يعيش في كـرب مستمر، لأنه يخاف أن يفوته
النعيم أو أن يفوت هو النعيم، ويصير حاله كحال الكلب، يلهث آمناً أو غير
آمن، جائعاً أو غير جائع، عطشانا أو غير عطشان. فالكلب يلهث فى كل حالاته واليكم التفسير الفسيولوجى لذلك
فإن
تدلى لسان الكلب وفتح فمه أثناء اللهث يؤدي إلى إدخال أكبر كمية ممكنة من
الهواء الجوي إلى الجهاز التنفسي، وخلالها يتم تبخير جزء من الماء الموجود
في الأنسجة التي يمرّ بها الهواء، وبالتالي تنخفض درجة حرارة الجسم... كما
يسلك الكلب مسلكا مساعداً، فيلحس أرجله من جسمه، ويبلل لسانه بلعابه،
فيتبخر هذا اللعاب، وهو ما يفيده في خفض درجة حرارة جسمه...
لقد شبه الله تعالى علماء السوء بأشنع وأقبح ما يمكن للخيال أن يتصوره، شبههم بصورة الكلب اللاهث الذي لا يكف عن اللهث نعود إلى الآية القرآنية الكريمة (
وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ
وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ
يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ
كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ{176}) [ سورة الأعراف]،ولكن
يبقى التشبيه حاويا لحقيقة علمية لم يصل إليها علم الإنسان إلاّ في العقود
المتأخرة من القرن العشرين الميلادي، ومؤداها أن الكلب هو الحيوان الوحيد
الذي يلهث بطريقة تكاد تكون مستمرة، وذلك في محاولة منه لتبريد جسده الذي
لا يتوفر له شئ يذكر من الغدد العرقية إلا في باطن أقدامه فقط، فيضطر إلى
ذلك اللهاث في حالات الحرّ أو العطش الشديد أو المرض العضوي أو النفسي، أو
الإجهاد والإرهاق أو الفزع والاستثارة....
• نجاســة الــكلب وإزالتها
* عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب) رواه أحمد في مسنده، ومسلم في صحيحه (كتاب الطهارة).
*لا
يحلّ الصابون، أو المنظفات الأخرى، محل التراب، فهذا أمر تعبُدي، وإن كان
الباحثين والأطباء قد توصلوا حديثاً إلى بيان الحكمة فيه...
*عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اتخذ كلبًا، إلاّ كلب زرع أو كلب صيد، ينقص من أجره كل يوم قيراط ) رواه مسلم