وقسم آخر من أهل الشرك والخرافة جعلوا النبي حيا في قبره يطلب من الناس زيارته والتوسل به إلى الله، ودعائه من دونه سبحانه وتعالى . . . وافتروا في ذلك أحاديث منها "توسلوا بجاهي فجاهي عند الله عظيم" وهو حديث لا أصل له قط في كتب من كتب السنة، كما قال شيخ الإسلام بن تيميه، وكذلك حديث "من زار قبري وجبت له شفاعتي "وحديث "من زار قبري كنت له شفيعا، ومن زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة "ذكرها جميعا الشوكاني في الفوائد المجموعة، وقال عقب الحديث الأخير: قال ابن تيميه والنووي أنه موضوع لا أصل له . وقال السيوطي في الذيل: وكذا ما روي بلفظ "من لم يزرني فقد جفاني "، قال الصنعاني: هو موضوع وكذا بلفظ "من حج ولم يزرني فقد جفاني "أ. هـ. الفوائد 117-118، وهذه الأحاديث الواهية هي عمدة من يرى مشروعية واستحباب شد الرحال إلى قبر النبي ومن يراها فريضة كفريضة الحج وأنه يطلب من النبي عند قبره كما يطلب من الله وتركوا لذلك العمل بحديث الصحيحين "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى " ولم يفقهوا أن نية زيارة المدينة يجب أن تتوجه لمن يشد الرحال للصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم وليس لزيارة قبره .
ب- من أرادوا شين النبي صلى الله عليه وسلم:
وأما الوضاعون الذين أرادوا شْين النبي فإنهم وضعوا عليه أحاديث في الأطعمة والأشربة يناقضون بها ما صح عن الرسول في ذلك ويعيبون بها النبي كحديث "ربيع أمتي العنب والبطيخ "، "ومن أكل فوله بقشرها أخرج الله منه من الداء مثلها "، "الباذنجان شفاء من كل داء"، "الباذنجان لما أكل له "، "أكل السمك يذهب الجسد "وحديث "إن الله خلق آدم من طين فحرم أكل الطين على ذريته "وحديث "عليكم بالعدس فإنه مبارك، وإنه يرق القلب، ويكثر الدمعة، وأنه قد بارك فيه سبعون نبيا "وحديث "بئست البقلة الجرجير "وحديث "لو كان الأرز رجلا لكان حكيما ",حديث " الأرز مني وأنا من الأرز "_أنظر تنزيه الشريعة 235-267_ ونحو هذا من السخافات والهذيانات التي وضعها الوضاعون وألصقوها بسيد المرسلين ومن بعثه الله رحمة للعالمين وهاديا للخلق أجمعين، وهذه الأحاديث التي استغلها من يريد الطعن بالرسالة المحمدية قديما وحديثا، كما أخبرني بعض الطلاب ممن درس في جامعات تبشيرية أن القس الذي كان يدرس لهم كان يقول لهم: رسولكم كان يقول لو كان الأرز رجلا لكان حكيما . وهذا لا يصدر من نبي !!
ولما كان الطلاب لا يعرفون أن هناك حديثا صحيحا وآخر مكذوبا ما كانوا يستطيعون جوابا، وترك هذا في أنفسهم ما ترك، ولو رحنا نتتبع الخرافات والخزعبلات التي ألصقت بالرسول لا تسع الأمر جدا، وحسبك الوقوف على بعض الكتب التي ألفت في الموضوعات لتعلم أي البلاء حل بعقيدة الأمة من جراء المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثالثا: في العصبيات والأهواء:
وأما في باب العصبيات والأهواء والكيد لأهل الإسلام، فإن الوضاعين قد ملئوا الأرض بكذبهم في هذا المجال، قال أبو الحسن علي بن محمد بن عراق صاحب تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة المرفوعة: قال الجليل في الإرشاد قال بعض الحفاظ: تأملت ما وضعه أهل الكوفة في فضائل علي وأهل البيت فزاد على ثلاثمائة ألف أ. هـ.
ومن هذا الموضوع ما رواه الخطيب في تاريخ "10/356-358" بإسناده إلى بن مالك مرفوعا "أنا خاتم الأنبياء وأنت يا علي خاتم الأولياء "وقال بعده: هذا الحديث موضوع من القصاص. وضعه عمر بن واصل أو وضع عليه أ. هـ.