الأمر الثالث: أن
يقوم كل فرد وبخاصة العاملين في حقل التعليم باستخدام التعليم
وسيلة للجهاد بالكلمة بغرس القيم والمبادىء والأفكار الإسلامية
التي تحمي أفراد الأمة وبخاصة الطلبة والطالبات من الغزو
الثقافي، فالدول النصرانية تسعى إلى طمس الهوية الإسلامية، فقد
تكالب الأعداء وسخروا جميع الإمكانيات من أجل هدم مقومات الأمة
بإضعاف مفهوم الولاء والبراء من خلال الدعوة إلى التقارب بين
الأديان، الذي أصـبــح مصيدة وقع فيها كثير ممن ينتسبون إلى
العلم والثقافة، فالقصد من التقارب بين الأديان هـــــو الاعتراف
بالديانتين اليهودية والنصرانية المحرفتين وكأنّهما صحيحتـان، مع
أنّ الله أخبر أنّه لا يقبل غيـر الإسـلام دينـًا في قولـه
تعالى:
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ
دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} (7)، وإنّ مـبـــدأ الحوار
مع الأديان المحرفة قد حدده الله، فلا يجوز الحوار إلاّ وفق
القاعدة القرآنية في قوله تعالى:
{قُلْ يَا
أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ
شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن
دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا
مُسْلِمُونَ} (
، كما إنّ الغرب النصراني يسعى إلى إبعاد
الأمة عن تحكيم شرع الله في الاقتصاد والاجتماع والسياسة، وتبني
سلوكيات الغرب النصراني من حرية مزعومة، وإباحية وإلحاد وكفر
بالله، ولهذا فإنّ للمعلم أو المعلمة دورًا كبيرًا في الجهاد من
خلال جهاد الكلمة، وتزويد الطلبة والطالبات بالقيم السليمة،
ومحاربة جميع المظاهر السلوكية المنافية لقيم الإسلام
وتعاليمه.
الأمر الرابع: أن
يمارس الفرد المسلم من موقع عمله في غير حقل التعليم دوره في
محاربة الخطط التي تسعى لتقويض مقومات المجتمع، وبخاصة في حقل
الأمن والإعلام، فالدور الجهادي للفرد المسلم الذي يعمل في هذه
الأعمال كبير وخطير، وبخاصة ما يتعلق بمحاربة المفسدين الذين
يعملون على إفساد الشباب من خلال نشر الرذيلة بينهم، فإنّ هدف
الأعداء هو نشر المخدرات والزنا وغير ذلك من الإفساد الأخلاقي،
وبالتالي فإنّ على المسلم الذي يعمل في الأمن مسؤولية تفويت
الفرصة على الأعداء من خلال القضاء على أوكار الفساد، وكذلك
بالنسبة لمن يعمل في حقل الإعلام فإنّ عليه واجب نقل الصورة
الصحيحة عن واقع المسلمين واستخدام المنبر الإعلامي بقصد توعية
المسلمين بواقعهم وكشف أساليب الأعداء ومنع كل وسائل الهدم
والتخريب لعقائد الأمة وقيمها، وبالتالي فلو أنّ كـــل صحفي أو
كاتب في جريدة أو صاحب دار نشر امتنع عن نشر أي كتاب أو مقالة
فيها إساءة للإسلام أو تساهم بنشر فكرة إلحادية، أو تسويغ
الفاحشة، فإنّه بهذا يمارس دوره الجهادي في حماية الأمة والمجتمع
الإسلامي من الوقوع في مصيدة الأعداء، وتوفير الأرضية لاتساع
الصحوة الإسلامية.
إنّ للفرد دورًا كبيرًا في محاربة
الأعداء وإفشال خططهم، وبالتالي فالجهاد الذي هو ذروة سنام
الإسلام لا يقتصر على حمل السلاح فقط، بل يشمل جميع أوجه الجهاد،
فالتفاعل مع هموم الأمة وقضاياها يمـثـل لونًا مهمًا من ألوان
الجهاد فالمسؤولية الفرديــــة هي مناط التكـلـيـف فـي
الشــريـعــة الإسلامية ففي الحديث المشهور
«كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، فقد شملت
المسؤولية جمع أفراد الأمة، ويـؤكـد هــــذا المفهوم حديث ابن
عباس الذي رواه البخاري، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا هـجـــرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا
استنفرتم فانفروا» (9) والاستنفار في زمن الانهزام يتمثل
في قيام كل فرد بواجبه الـفـــردي تجاه حماية الأمة من خلال
استخدام الإمكانات المتاحة له لصالح الأمة، وأن يكون قدوة
للآخرين بممارسة دوره الفعال، ودعوة الآخرين للاقتداء
به.
د. محمد بن عبد الله
الشباني