هذه القصة علي رغم بساطتها , إلا أن عمقها يعطي الإنسان دروساً كثيرة من أهمها
: أن الإنسان لا بد له من أن يمر بتجارب قاسية في حياته , ولكن العاقل هو الذي
يتعلم من تلك التجارب , فيقوي عوده , ويصبح أكثر تحملاً وجلداً , قال الشاعر:
ألم تر أن القرط ليس بحلية ***علي الأذن حتى تألم الأذن بالثقب
ولقد شاهدت الحداد وهو يحمي النار علي حديده , ويطرق عليه طرقاً
عنيفاً , فعرفت أن الحديد لا يزداد صلابة إلا بهذا الطرق , وكذلك الإنسان
العاقل المؤمن , كلما مر بشدة خرج منه أصلب عوداً وأقوي نفساً ولنا في أنبياء
الله – تعالي – والصالحين من عباده , أسوة وقدرة حسنة , فلم تقو عزائمهم إلا
بما لاقوه من أذي , وما واجهوه من مصاعب ومتاعب , وإن من يطلب العلا دونما سبب
ولا تعب , لم يرجع بغير الحسرة والندم قال الشاعر المتنبي :
ذريتي أنك مالا ينال من العلا *** فصعب العلا في الصعب والسهل في
السهل
ترين إدراك المعالي رخيصة *** ولا بد دون الشهد من إبر النحل
والإنسان الذي يظن الحياة – كلها – سعادات عند أول مشكلة تواجهه
يسقط , و لا يستطيع أن يتحمل .
قال تعالى على لسان يعقوب عليه السلام : \" يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا
فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ
إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)
سورة يوسف .