المياه القاتلة!

[b]كوب ماء نظيف.. أمنية يتطلع إليها أبناء محافظة القليوبية.. في بنها وطوخ وقليوب وإمبابة والخرقانية.. ماذا حدث؟ هل أصبح كوب ماء نظيف.. هو الأمل.. ونحن في القرن الواحد والعشرين؟!
ما هي القصة المؤلمة والرهيبة.. لإصابة وراء إصابة أبناء البرادعة بالتيفود؟ وأين كان جميع المسئولين في محافظة الدقهلية عندما ضخ المقاول الذي يتولي إنشاء محطة المياه.. المجاري في مواسير مياه الشرب.
الأصعب والأقسي والمذهل.. أن يستمر ضخ المجاري في مواسير مياه الشرب بقرية البرادعة لمدة شهرين.. ولا يتحرك أحد.. ولولا كثرة عدد المصابين بالتيفود.. لما شعر مخلوق بهذه الكارثة.. ولولا ستر الله.. لأصيبت القرية بالكامل بالتيفود.. فقد استمروا في شرب مياه المجاري شهرين كاملين!! ولكن لطف الله كان الأسبق.. فقد أصيب فقط 58 مواطناً.. أضيف إليهم 32 آخرون يوم الأحد الماضي.
السؤال الذي يضرب الرؤوس بعنف.. كيف يقوم مقاول بأعمال تجربة المحطة منفرداً.. أليس غريباً.. ألا يتواجد مسئول واحد من الاسكان أو مجلس المدينة أو القرية أو المجلس المحلي للمركز أو للقرية.. أثناء التجارب الأولية للمحطة!! وكيف يسمح للمقاول بالتشغيل التجريبي الذي يعني وصول المياه للمواطنين ليشربوها.
للأسف الشديد.. نجد العديد من المسئولين والموظفين.. يتعنتون مع أصحاب الحقوق.. ويذلونهم.. ويطلعون أرواحهم.. لقضاء مصالحهم.. بالرغم من أنها شرعية.. وقد يرفضون طلبهم بدون سبب مقبول.. غير فرض العضلات.. والسطوة.. واساءة استخدام السلطة التي في أيدهم!!
ان مأساة مياه الشرب.. التي تحولت بقدرة قادر.. إلي مياه مجاري.. تعكس مدي الاهمال والتسيب وانتشار الضمائر الخربة.. والأهم ضياع هيبة الحكومة.. فلا اعتبار لأي مسئول في القرية.. ولا في الاسكان.. ولا في المجالس المحلية.. ولا حتي في المحافظة!!
هذه المأساة.. ليست بجديدة.. للأسف الشديد.. فقد بدأت في محافظة الشرقية.. يعني تكرارها يؤكد أن لا أحد يلتفت إلي اخطائنا.. ولا أحد يحاسب أي مسئول عن الخطأ.. وان كنت اعتبر أن خلط أو ضخ مياه المجاري مع مياه الشرب.. جريمة لا تغتفر.. فما ذنب هؤلاء الأبرياء.. البسطاء.. الذين لا يعرفون المياه المعدنية.. إنهم يبحثون عن كوب مياه نظيف فقط.. وحتي هذه.. أصبحت بعيدة عنهم!!
هذه الكارثة.. امتدت لمحافظة بني سويف.. حيث ارتفع عدد المصابين إلي ..9 أي أن المصيبة في طريقها إلي محافظات وقري أخري!!
هل نسينا ما حدث الصيف الماضي.. من احتجاجات ومظاهرات وقطع الطرق.. وأعمال شغب.. نتيجة حرمان قري كاملة من المياه لعدة أيام.. أليس عجيباً.. أن يحدث هذا في بلد النيل.. أليس مستفزاً.. أن يتكرر ذلك ولدينا أكبر بحيرة مياه حلوة.. صناعية في العالم كله.. بحيرة ناصر.. أليس خطيراً.. أن يخرج العطاشي.. يصرخون علي الطريق السريع.. ليصل صراخهم للمسئولين!!
إن انقطاع المياه لعدة أيام.. ليس أصعب ولا أبشع.. من شرب مياه المجاري.. الطريق السريع لمرض التيفود الفتاك!!
أليس مرعباً.. أن تتحول مياه الشرب.. إلي مياه للموت!! لو أن هذه الكارثة حدثت في بلد غير مصر.. لقامت الدنيا ولم تقعد.. ولاستقالت الحكومة.. وكانت فضيحتها بجلاجل.. أما عندنا فالأمر عادي.. فقد تكرر من قبل.. ويتكرر اليوم.. وقد يتكرر في الأيام القادمة.. طالما لا يوجد عقاب أو حساب لأي مسئول.. سواء كبير أو صغير!!
هل يوجد حادثة واحدة.. أقيل بعدها الوزير.. أو الحكومة بالكامل؟ لو حدث ذلك ولو مرة واحدة.. لما تكرر تلويث مياه الشرب بالمجاري.. ولما أصبحت المياه في قرية البرادعة وبعض قري بني سويف "قاتلة"!!
إنني أمام كارثة.. تعكس إلي أي مدي تهتم الحكومة بالمواطن.. وإلي أي مدي تسعي لتوفير كوب ماء نظيف.. ماء.. وليس لبناً.. وماذا لو رفعنا شعار كوب ماء نظيف.. انه أمنية.. يتطلع إليها البسطاء من أبناء القري في بلدنا.
ماذا أقول.. نعاني من رغيف الخبز.. ومن انقطاع المياه.. فلا توجد في مصر.. مدينة أو منطقة لا تنقطع عنها المياه بصفة مستمرة طوال الصيف.. واسألوا أهالي منطقة الهرم وفيصل.. الجيزة عموماً!! ولكن أن نشرب مياه المجاري علي انها مياه شرب فهذا غير مقبول اطلاقاً..
لا تقولوا.. إنها حالات بسيطة.. وانه خطأ المقاول.. والإصابات محدودة.. وإن الإعلام يبالغ.. ويضخم الحقيقة.. لا.. وألف مليون لا.. فلا توجد لدي الشعوب أغلي من صحتها.. وهو ما يجب أن تحافظ الحكومة عليه.
إنه التسيب والإهمال واللامبالاة.. وتغميض أعيون المسئولين.. وطناش الموظفين.. وتفرغ الكبار لمصالحهم الخاصة.. والأخطر من كل ذلك عدم محاسبة المسئولين.. لا أجد أي مبرر أمام الحكومة.. وأمام المجالس الشعبية المحلية.. وأمام المحافظين.. في تكرار ظاهرة خلط مياه المجاري بمياه الشرب.. انها ليست مسئولية المقاول وحده.. إنما مسئولية المسئولين سواء في الاسكان الذين يطرحون مناقصات إنشاء محطات المياه.. والذين من المفترض أنهم يتابعون بناءها خطوة.. خطوة قبل صرف كل مستخلص.. ويشهدون التجارب الأولية.. أما حكاية غيابهم لمدة شهرين عن هذه التجارب.. فالحكاية مريبة.. وللأسف يدفع ثمنها الشعب.. ثمناً باهظاً.. حياتهم..
أقول.. حاسبوا المسئولين.. ولو مرة واحدة عن كوارثهم وجرائمهم في حقنا.. حتي لا تتكرر مثل هذه الظاهرة.. وتصبح المياه قاتلة.. في أماكن كثيرة.. وليس القليوبية وبني سويف وحدهما!! ولا أحد يدري من أين تأتي الكارثة القادمة.. طالما لا حساب ولا حتي مراجعة للمسئولين! أقول.. انتبهوا فالقادم أسوأ.

[/b]

» المزحة القاتلة
» اكتشاف كميات ضخمة من المياه على سطح القمر
» سمكة تعيش خارج المياه ! ! ! سبحان الله