غليان بين المهنيين بسبب قانون الضرائب الجديد

حالة من التذمر تسود أوساط المهنيين الذين هددوا بتنظيم اعتصامات مفتوحة وعمل إضرابات عن العمل؛ بسبب تعسف الدولة ضدهم في قانون الضرائب الجديد، مع أنهم يمثلون7 مليون مواطن.

وقد زادت حدة الغضب بعدما تجاهل الدكتور يوسف بطرس غالي- وزير المالية- مناقشة الدكتور حمدي السيد- نقيب الأطباء ورئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب- له عندما ذكر له أن التعديلات في القانون الجديد تُسبِّب قلقًا لدى كافة المهنيين فردَّ عليه الوزير "ما يقلقوا وأنا مالي..!!" مما أغضب جموع المهنيين.

وقد بدأت بالفعل بعض النقابات بعمل أساليب احتجاجية سلمية ضد القانون الجديد، مثل الاعتصام الذي نظمته النقابات المهنية بمقر نقابة أطباء الإسكندرية الثلاثاء الماضي لمدة 3 ساعات، والجمعية العمومية الطارئة التي عقدتها نقابة أطباء بني سويف.

وقد عقدت لجنة التنسيق بين النقابات المهنية عدة جلسات طارئة لاتخاذ خطواتٍ جماعيةٍ للحيلولة دون تمرير هذا القانون؛ حيث أشار الدكتور حمدي السيد أن الحكومةَ تعمل على سرعة تمرير القانون الذي يخدم قلةً من رجال الأعمال على حساب القطاع العريض من المجتمع، وهم متوسطو ومحدودو الدخل.

وقد اتفق المهنيون في آخر اجتماع للجنة التنسيق الأربعاء 20/4 على عقد شبه جمعية عمومية لمختلف النقابات المهنية بمقر النقابة العامة للأطباء السبت القادم، في العاشرة صباحًا؛ حيث إن مجلس الشعب سوف يناقش البنود الخاصة بالمهنيين في القانون ظهر نفس اليوم، ويقوم المهنيون بتشكيل وفد لمقابلة الدكتور أحمد فتحي سرور- رئيس المجلس- لعرض مطالب المهنيين فيما يخص هذا القانون عليه.

كما طالبت اللجنة مختلف النقابات العامة والفرعية بعمل اعتصامات داخل مقارها، وإذا تم تمرير القانون في مجلس الشعب يوم السبت يتم الإضراب الشامل عن العمل، إضافةً لعمل مسيرات سلمية؛ احتجاجًا على القانون حتى يتم تعديله.

وكانت اللجنة في الاجتماعات السابقة- برئاسة الدكتور حمدي السيد- قد أرسلت خطابات احتجاجيةً- وبها مطالب المهنيين- لكل من: الدكتور أحمد نظيف (رئيس الوزراء)، والدكتور زكريا عزمي (رئيس ديوان رئيس الجمهورية)، والدكتور أحمد فتحي سرور (رئيس مجلس الشعب)، والدكتور يوسف بطرس غالي (وزير المالية).

ويطالب المهنيون بالبقاء على القانون القديم فيما يتعلق بالمواد (34،35، 36) والتي كانت تقضي إعفاء أعضاء النقابات المهنية من تاريخ قيدهم كأعضاء عاملين في بداية حياتهم لمدة ثلاث سنوات- وهي الفترة التي يكون المهني فيها ما زال يجهز مكتبه أو عيادته- كما كان يقضي بخصم الاستهلاك المهني أو البشري؛ حيث إن أصحاب المهن الحرة- ومنهم المهنيون- يستهلكون صحتهم في سبيل الحصول على الدخل، وهم من أكثر الفئات تعرضًا لأمراض الإجهاد، من ارتفاع في ضغط الدم وأمراض السكر والقلب والوفاة المبكرة.

وفي القانون الجديد تم إلغاء ذلك: ما تم إلغاء ترحيل الخسائر التي تصيب المهني لمدة خمس سنوات حتى يمكن أن يعوِّض هذه الخسائر، كما تم تخفيض المصروفات التي يتم خصمها في المحاسبة التقديرية (بدون دفاتر) من 25% إلى 10%، إضافةً إلى حرمان المهنيين من الاشتراك في مشروعات التكافل المعاش التي تنشئها نقاباتهم في حدود 15% من الدخل أو ألف جنيه أيهما أقل.

كما أن القانون الجديد قد ألغى عمومًا إعفاءات الأعباء العائلية، والتي كانت 2000 جنيه لأعزب أو السيدة، و2500 جنيه للمتزوج أو الأرمل أو المطلق ويعول أولاد، و3000 جنيه للمتزوج ويعول واستبدل ذلك بإعفاء الـ5000 الأولى من صافي الإيراد بعد خصم المصروفات.

ويُذكر أن سعر الضريبة في القانون القديم (157 لسنة 1981م) كان 20% للشريحة الأولى التي كان دخلها السنوي حتى 2500 جنيه من صافي الإيراد، و27% للشريحة الثانية والتي دخلها حتى 4500 جنيه من صافي الإيراد، و35% للشريحة الثالثة والتي دخلها حتى 9000 جنيه من صافي الإيراد، و40% ما زاد على 16000 جنيه من صافي الإيراد.

أما في القانون الجديد فحتى 5000 غير خاضعة للضريبة، و10% للشريحة الأولى 15000 جنيه من صافي الإيراد، و15% للشريحة الثانية 20000 جنيه من صافي الإيراد، و20% لأكثر من 40000 جنيه.

كما تمت إضافة إيرادات التصرف في أية أصول مهنية وعائدات نقل الخبرات أو بيع مكاتب مزاولة المهنة أو أية مبالغ محصلة؛ نتيجة إغلاق المكتب أو التنازل عن العملاء للقانون الجديد.

وقد رأى المهنيون أنه رغم عدم إخضاع مبلغ 5000 جنيه لجميع الممولين، بالإضافة إلى خفض أسعار الشرائح الضريبية التي سوف يؤدي إلى خفض العبء النهائي للضريبة، لكن هناك عددًا من التحفظات الهامة التي لم يراعها القانون، وهي:

- أن الإعفاء لجميع الممولين بمبلغ 5000 جنيه بدلاً من الإعفاءات العائلية والإعفاءات الأخرى الملغاة لا يُعتبر إعفاء،ً ولكنه في المفاهيم الضريبية- سواء في مصر أو غيرها- يعتبر شريحةً من الدخل ليس لها سعر ضريبي، ويُفترض أنه لتغطية الحد الأدنى لمستوى المعيشة ونفقاتها في المجتمع ككل، ولكنها لا تمثل الأعباء العائلية والاجتماعية الشخصية لكل فئة من الممولين حسب ظروفه الشخصية والمتطلبات الاجتماعية الخاصة بكل فئة من الممولين، والمفترض- حسب تقديرات البنك الدولي- أن الحد الأدنى لأعباء المعيشة في مصر لا يقل عن 12000 جنيه للممول.

- كما أن عدم التفرقة فيما بين المتزوج ويعول والأعزب والمتزوج، وكذلك عدم التفرقة بين الرجل والسيدة في قانون الضرائب يخالف الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، ومن ثم يتعارض مع الدستور، إضافةً إلى ما تم ذكره من الضرر الواقع على المهنيين في هذا القانون.

- وإخضاع إيرادات حقوق الملكية الفكرية للقانون الجديد يضر بتشجيع الابتكار والتطوير.
وأشار الدكتور حمدي السيد إلى أن القانون الجديد يستهدف رعاية وحماية رجال الأعمال على حساب باقي المجتمع، كما أنه أسقط الضرائب المتأخرة لهم، والتي تُقدَّر بمليارات الجنيهات، وتسعى الحكومة لتمرير هذا القانون- الذي سوف يضر غالب أفراد المجتمع وليس المهنيين فقط- دون ضجة، وأضاف أن وزير المالية لا يبالي بمصلحة الشعب، رغم أنه يمثل الشعب بصفته السياسية ولا يهمه قلقهم، ولا ندري إلى أين يسير بنا هذا الوزير؟!

وذكر الدكتور أحمد رامي- عضو مجلس نقابة الصيادلة- أنه في الوقت الذي تنادي فيه الدولة بالاهتمام بالشباب يأتي هذا القانون ليزيد أعباءهم أعباءً أخرى؛ ولذلك فهذا القانون لا يبشر بخير، ويوضح الفلسفة التي تسير بها الدولة الآن، وهي حماية الكبار ولو على حساب المجتمع بأسره، وكان المفترض أن تسعى الدولة لتخفيف العبء على شباب الخريجين، وتوفر لهم فرص عمل، وإيجاد حلول للبطالة التي تتزايد كل يوم، لا أن تفرض عليهم جبايات أخرى.

جزاكم الله خيرا

» قانون المرور الجديد رقم 121 لسنه 2008
» قانون العقوبات المصـــــــــــري
» قانون الخدمة العسكرية والوطنية المصــــــــري
» القواعد الهامة فى قانون الاجراءات الجنائية
» روما على خُطى باريس.. مشروع قانون لحظر النقاب في إيطاليا